مجموعة مقتنيات فنية فلسطينية لإحياء التراث الثقافي

متحف تراسنطا الأراضي المقدسة هو مشروع قيد التنفيذ؛ حيث مازالت الدراسات والبحوث جارية حول المجموعات و المقتنيات التابعة  لحراسة الأراضي المقدسة. احتوى هذا النشاط البحثي الدقيق على  متخصصين مهنيين في المتاحف من جميع أنحاء العالم و بالاعتماد على مدى معرفتهم  ومهاراتهم، فقد ساهم كل منهم في تعزيز هذا التراث.

 أثناء عرض بعض المجموعات المختلفة من المقتنيات تم تسليط الضوء على الرابطة العميقة التي تجمع بين المؤمنين من جميع أنحاء العالم و بين الأرض المقدسة ، والشاهدة على تاريخ الكنيسة الجامعة والحاضنة للجميع.  وفي عرض مجموعات أخرى  تبين لنا قصة الكنيسة المحلية وعلاقتها الوطيدة والتي شهدت لها كتابات المجتمعات المحلية التي سكنت هذه الأرض المقدسة وصلتها بحراسة الأراضي المقدسة.

تعد مجموعة الأعمال الفنية والحرفية الفلسطينية في متحف تراسنطا مثالا حيا وشاهدا على هذه العلاقة الأصيلة. و سيخصص المتحف في  قسمه التاريخي غرفا خاصة ومكرسة لأعمال الحرف اليدوية الفلسطينية الأصيلة و سيتم عرض قطع خاصة بالطقوس المسيحية، و مجموعة متنوعة و فريدة من  تحف الصدف التي تبرع بها المجتمع المحلي الفلسطيني للكنيسة والمحفوظة بإشراف و عناية الآباء في الحراسة.

بفضل  الدراسات الحديثة التي قام بتنفيذها الأستاذ جورج الأعمى الخبير في الفن الفلسطيني و من رواد  اقتناء وجمع هذا الفن العريق، ستضاف  مجموعة مميزة من المجوهرات والملابس الفلسطينية لقسم المتحف التاريخي لتعزيز واحياء تاريخ العادات و التقاليد الفلسطينية الضائعة والمنسية.

للتعرف أكثر عن قصة جورج  الأعمى و حراسة الأرض المقدسة: (رابط المقال الأول)

هذه القطع الرائعة تعبر عن الثقافة المحلية والعريق وبقطعها الثمينة والنادرة والمحفوظة جيدا تعد هذه المجموعة واحدة من أكثر المجموعات شهرة وندرة من نوعها في العالم.

تتكون المجموعة في الغالب من المجوهرات والحلي وأغطية الرأس التي كانت تستخدمها النساء في جميع أنحاء فلسطين خلال الأعراس و الاحتفالات الرئيسية. وكانت بيت لحم مركز الحرف والتصنيع الرئيسي،  ومن خلال عمليات البيع انتشر استخدام القطع في المدن الفلسطينية في رام الله والخليل ويافا مع حفظ كل مجتمع ببعض خصائصه في الملابس و الحلي.

 

استخدام العملات المعدنية

من العناصر المتكررة في صنع كل هذه الحلي وأغطية الرأس هو استخدام العملات المعدنية. في العالم الإسلامي، وخاصة أثناء الهيمنة العثمانية، كان من الشائع استخدام العملات المعدنية في صياغة المجوهرات وخياطتها على أغطية الرأس. ففي القرنين التاسع عشر والعشرين، كانت أغلى العملات تستخدم غالبًا بتثبيتها واستخدامها في القلائد والأساور. 

تراوحت أسباب استخدام العملات المعدنية في المجوهرات من إعطاء إحساس بالأمان إلى التباهي. فقبل الزواج، يظهر الرجل كرمه وحبه بتقديم الهدايا. وفي حينها كانت العملات المعدنية من الأشياء الأكثر شيوعًا التي يمكن للمرء أن يجدها في القرى ، فاستخدمها الناس لهذه الأغراض.

 غالبًا ما تتطلب هذه الحلي عددًا كبيرًا من العملات المعدنية وبأبعاد متنوعة. نلاحظ في هذه القطع استخدام  العملات العثمانية وعملات من دول أوروبية وعربية، التي جلبها الحجاج والمسافرون والتجار إلى هذه الأرض وهذا ما يفسر وجود علامات اجنبية كوجه ماريا تيريزا، ابراطورة هابسبورغ، أو درع فيليب الخامس ملك إسبانيا.  

من بين هذه القطع، سيعرض متحف تراسنطا ثلاث قطع في قسمه التاريخي: وقاة دراهم (غطاء الرأس الذي كانت ترتديه نساء من قرى الخليل بغمة (عقد فضي)، وزناق (سلسلة تمر من الأذن إلى الأذن تحيط بذقن ووجه المرأة).

وقاة دراهم

هي غطاء الرأس الذي استخدم في منطقة الخليل. كان سكان الخليل بين القرنين التاسع عشر والعشرين من الغالبية المسلمة. وكان هذا النوع من أغطية الرأس، على وجه الخصوص، يستخدم من قبل الجالية المسلمة فقط. ومع ذلك كما هو متعارف فقد كانت النساء المسيحيات في بيت لحم يصنعن هذا النوع من أغطية الرأس.  

تعد وقاة الدراهم من القطع الثمينة والنادرة جدا (فكل غطاء رأس يحتوي على ما يقارب ٤ أو ٥ كجم من الفضة). يقدر عدد القطع التي كانت في منطقة الخليل وقراها بثلاثين قطعة كحد أقصى.  واليوم نعلم بوجود ١٢ قطعة فقط ومنها ثلاث بحوزة حراسة الأراضي المقدسة و أخرى معروضة في المتحف البريطاني، متحف اسرائيل، المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، ومتحف كاي برانلي.

زناق

وهو سلسلة من الفضة يمكن إثرائها بالعملات المعدنية والأحجار الكريمة. عادة ما كان يتم ارتداء الزناق مع الشطوة (غطاء الرأس الشائع في بيت لحم) لإبقائها على الرأس. بارتدائه تمر السلسلة من الأذن إلى الأذن حول الذقن بارزا وجه المرأة بشكل مثالي.

بغمة

هي قلادة فضية. وفي يومنا هذا من الممكن تفسيرها على أنها شيء مهين للمرأة ؛ ومع ذلك، فقد كان استخدامها شائعا في الماضي.  بكونها أحد أنواع المجوهرات فقد كانت تستخدم للزينة لإظهار ثراء النساء برفاهتها والصوت الذي تنتجه العملات المعدنية.

من المثير للاهتمام أن نلاحظ إضفاء الطابع الشخصي على هذه المجوهرات. ففي منطقة بيت لحم على وجه الخصوص، كان هنالك نوع من الانسجام الديني واتضحت حقيقته بارتداء النساء المسيحيات والمسلمات نفس نمط ونوع الملابس ولكن باستخدامهن الصلبان أو الهلال للتعبير عن العقيدة.

 

شارك
email whatsapp telegram facebook twitter